html5-img
1 / 250

دراسات في الحديث النبوي الشريف

دراسات في الحديث النبوي الشريف. أ. د. إسماعيل سعيد رضوان أستاذ الحديث الشريف وعلومه كلية أصول الدين. أ. د. أحمد يوسف أبو حلبية أستاذ الحديث الشريف وعلومه كلية أصول الدين. المقدمة.

jaden-boone
Télécharger la présentation

دراسات في الحديث النبوي الشريف

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. دراسات في الحديث النبوي الشريف • أ. د. إسماعيل سعيد رضوان • أستاذ الحديث الشريف وعلومه • كلية أصول الدين • أ. د. أحمد يوسف أبو حلبية • أستاذ الحديث الشريف وعلومه • كلية أصول الدين

  2. المقدمة • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمّا بعد: • فإن للحديث الشريف والسنة النبوية المطهرة مكانة عظيمة وأهمية كبيرة في إسلامنا الحنيف العظيم؛ لأنّ شرف الشيء من شرف المنسوب إليه وهو هنا الرسول ، فقد بيّن كلّ من الحديث النبوي والسّنّة المشّرفة الأحكام التي نزل بها القرآن الكريم من حيث تخصيصُ عامّه وتقييد مُطْلَقه وتفسير مبهمه، كما استقلا في تشريع أحكام لم يُنَصّ عليها في هذا القرآن الكريم، ومن ثَمّ تتمثَل تلك المكانة والأهمية في كون كلَ من الحديث الشريف والسّنّة المطهّرة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن العزيز وفي كونهما التطبيق العملي لهذا القرآن. • وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين • المؤلّفان

  3. القسم الأولدراسات في الحديث والسُّنَّة

  4. أولاً: تعريفات أوليّة هامّة • 1- تعريف الحديث في اللغة: • كلمة حديث صفة مشبّهة، مشتقة من الفعل حَدَثَ وحَدُثَ، وتُجْمَع على أحاديث، وهذا جمع تكسير شاذّ على غير القياس عند العرب، ومادة حَدَثَ وحَدُثَ في قواميس اللغة لها معانٍ عدّة هي: أ- الجديد من الأشياء ضد القديم، يقال: حَدُثَ حُدُوثاً وحَدَاثة، وحَدُثَ عكس قَدُمَ. ب- كلّ كلام يصدر عن أي إنسان متكلِّم، ثم يُنْقَل عنه بواسطة الصوت ممن سمعه منه، أو بواسطة الكتابة منه، ويُطْلَق على كثير الكلام وقليله. ج- يطلق على الخبر، ويأتي على القليل والكثير من هذا الخبر.

  5. وعلى هذا فحديث النبي هو القول الذي تكلَّم به، ونُقِل إلى الناس بأي طريقة، وهو جديد بالنسبة للمشركين آنذاك من حيث معناه ومدلوله وما يدعو إليه، وكذلك هو ما صدر عن النبي من أخبار سواء كانت قليلة أو كثيرة. • 2- تعريف الحديث في اصطلاح المحدّثين: • هو ما أُضيف إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة – خَلْقية أو خُلُقية- أو سيرة قبل البعثة أو بعدها.

  6. 3- تعريف السُّنَّة في اللغة: • هيبمعنى الطريقة المتّبعة أو المعتادة، سواء كانت حسنة محمودة أو سيئة مذمومة، وحُسْنُها أو سوؤها إنّما أتى على سبيل الوصف أو الإضافة. • فمن الوصف حديث النبي : "من سنّ في الإسلام سُنّة حسنة، فعمل بها كُتِب له مثلُ أجر من عمل بها، ولا يُنْقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سُنّة سيئة، فعُمِل بها بعده، كُتِب وزر من عمل بها، ولا يُنْقص من أوزارهم عليه شيء"(). • ومن الإضافة تأخذ كلمة "سُنّة" المدح أو الذمّ حسب المضاف إليه، فمن المدح حديث الصحابي العِرْبَاض بن سارية أنّ النبي قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ"()، وبهذا تكون السنة حسنة ومحمودة. ومن الذمّ ما ورد في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخُدْرِيعن النبي قال: "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْر ضَبّ لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟".

  7. 4- معنى السّنّة في الاصطلاح: • هيما أُضيف إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية أو سيرة قبل البعثة أو بعدها. • وهي بهذا بمعنى الحديث عند هؤلاء المحدّثين. • - فمثال القول: ما تحدّث به النبي في مختلف المناسبات ممّا يتعلّق بتشريع الأحكام، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الأعمال بالنيات". • - ومثال الفعل: ما نقله الصحابة من أفعال النبي في شؤون العبادة وغيرها، مثل أدائه الصلوات ومناسك الحج وخروجه في الغزوات.

  8. - ومثال التقرير: ما اقرّه الرسول من أفعال صدرت عن بعض أصحابه بسكوت منه مع دلالة الرضا، أو بإظهار استحسانه وتأييده لهذه الأفعال؛ فمن إقرار السكوت إقراره عليه الصلاة والسلام لاجتهاد الصحابة في أمر صلاة العصر في غزوة بني قريظة حين قال لهم: "ألا لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قُرَيْظَة"، فقد فهم بعض هؤلاء الصحابة هذا النهي من النبي صلى عليه وسلم على حقيقته، فأخرها إلى ما بعد المغرب، وفهمه البعض الآخر منهم على أنّ المقصود من هذا النهي هو حثّ الصحابة على الإسراع في السير إلى بني قُرَيْظة، فصلى هذا البعض العصر في وقتها، وقد بلغ النبي ما فعل الفريقان من الصحابة، فأقرّهما ولم ينكر عليهما. • ومن إقرار الاستحسان والتأييد ما رُوِي من أنّ خالد بن الوليد أكل ضَبّاً قُدِّّم إلى النبي دون أن يأكله، فقال له بعض الصحابة: أَوَ يحرم أكلُه يا رسول الله؟ فقال: "لا، ولكنّه ليس في أرض قومي، أجدني أُعَافِه".

  9. ثانياً: مكانة السنة النبوية وأهميتها في الإسلام • للسّنّة النبوية مكانة عظيمة في نفوس المسلمين قديما وحديثا؛ وذلك لما لها من دور مهم في حياتهم إيماناً وفكراً، منهجاً وعلماً، سلوكاً وخلقاً ومنهج حياة، فاعتنوا بها عناية فائقة تليق بها، حيث إنّها المصدر الثاني بعد القرآن الكريم في التشريع والأحكام. • فعناية المسلمين بالسّنّة وعلومها – منذ زمن الصحابة إلى زماننا هذا دليل واضح على المعرفة العميقة بأهميتها ومكانتها، ودليل على الإيمان بها والحبّ لصاحبها النبي  الذي وصفه ربُّه سبحانه وتعالى بقوله: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى()، وقد أمر الله المؤمنين أن يأخذوا ما آتاهم به الرسول فقال: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا()، بل وحذّرهم من مخالفته في أمره فقال: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ().

  10. ومن هنا أدرك الصحابة الكرام معنى شهادة أن محمداً رسول الله على أنّها الشِّقّ الثاني من الركن الأول من أركان الإسلام (شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله)، كما أدركوا أنّ هذه الشهادة تقتضي التسليم بجميع ما جاء به هذا النبي الكريم ، ومن ثَمّ أدركوا أنّ كلّ ما صدر عنه عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال وتقريرات وصفات في أحواله كلّها سنة() يتعيّن عليهم الاقتداء به فيها، وكان مصدر التشريع في عهد النبي كتاب الله وهذه السُنّة التي بيّن فيها النبي مقاصد هذا الكتاب العزيز، وشارح أهدافه، وطبق أحكامه؛ حيث كان النبي المرجع الأعلى في جميع أمور الأمة: في الفتوى والقضاء، وفي التنظيم السياسي والمالي والعسكري وغير ذلك. فإنْ وجد حكماً للقضية في الكريم أخذ به، وإنْ لم يجد انتظر الوحي، أو اجتهد فيها، وقد ينزل الوحي مقرّاً له على هذا الاجتهاد أو مصححاً له؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى لا يقرّ رسوله على خطأ(). وبناءً عليه فالسّنّة تنقسم من حيث مصدرها إلى قسمين:

  11. القسم الأول: الوحي من الله سبحانه وتعالى للنبي بمعنى السّنّة: • حيثكان الوحي ينزل بهذه السّنّة على رسول الله كما ينزل بالقرآن، فينزل بالقرآن بلفظه ومعناه،وينزل بالسّنّةبإيحاء معناها لا بلفظها، وفي ذلك يروي المقدام بن معدي كَرِب عن رسول الله أنّه قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه. وقال حسّان بن عطية: كان جبريل  ينزل على رسول الله  بالسّنّة كما ينزل عليه بالقرآن، ولهذا النوع من الوحي صور عدة منها:

  12. 1- النَّفْث في الرُّوْع: أي إلقاء المعنى في قلب النبي ، ومثاله قوله عليه الصلاة والسلام: "إن رُوح القُدُس نفثَ في رُوعي: أنّه لن تموت نفس حتى تستوفيَ رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب! خذوا ما حلّ ودعوا ما حرم". 2- نزول جبريل  في صورة بشر: كان الأمين الوحي جبريل  ينزل في صورة بشر، ويسأل النبي  ليعلّم الناس أمور دينهم، مثال ذلك: • حديث جبريل  الذي يرويه عمر بن الخطاب : "بينما نحن جلوس عند النبي ........الحديث.

  13. 3- نزول الوحي في صورة غير مرئية: كان جبريل  ينزل على الرسولبصورة غير مرئية للصحابة ، ولكن توجد أمارات تدلّ على نزوله، وكان الصحابة يعرفونها، حيث كانت هذه الأمارات تظهر على رسول الله ، مثال هذه الأمارات تصبب العرق من الرسول  حين نزول الوحي.

  14. القسم الثاني: اجتهاد النبي  في بيان ما نزل عليه من القرآن الكريم: • وذلك لأنّ السنة شارحة للكتاب العزيز، فإمّا أن يوافق الوحيُ رسولَ الله  ويقرّه، وإمّا أن يراجعه فيصير النبي  إلى ما دلّ عليه الوحي كحادثة أسرى بدروحادثة ابن أم مكتوموغيرهما. وأيّاً كانت السّنّة فهي مقرّة من الله ، ويتعيّن العمل بها؛ لأنّها صادرة عن الوحي حقيقة أو حكما مصداقا لقول الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. قال الإمام ابن حزم الظاهري: (فصحّ لنا بذلك أنّ الوحي ينقسم من الله سبحانه إلى قسمين: أحدهما: وحي متلوّ مؤَّلف تأليفاً معجز النظام وهو القرآن، والثاني: وحي مرويّ منقول غير مؤلّف ولا معجز النظام ولا متلوّ لكنّه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله ).

  15. ثالثاً: مكانة السُّنَّة النبوية من القرآن الكريم • القرآن الكريم هو أصل التشريع والدستور الجامع لهذه الأمّة الإسلامية والمرجع الأول لخيري الدنيا والآخرة، وهو القانون المنظِّم لعلاقة الإنسان بالله سبحانه وتعالى، وهو منهج حياة وطريقة سلوك لهذا الإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه، لكنّه جاء بمبادئ عامة تحتاج لبيان وتفصيل؛ ومن ثَمّ جاءت السّنّة النبوية المشرّفة بهذه المهمة، وكانت لها وظيفتان أساسيتان:

  16. الوظيفة الأولى:السنة النبوية تابعة للقرآن ومبينة له: كانت مهمة النبي  وسُنّته بيان القرآن الكريم كما قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ …()، ففصّل هذا النبي  أحكامه، وقيّد مُطْلَقَه، وخصّص عامّه، ووضّح مبهمه، وهذا تفصيله: 1- تفصيل المُجْمَل: كتفصيل أحكام الصلاة، والزكاة وغير ذلك. 2- تقييد المُطْلَقَ: المُطْلَق هو ما دلّ على الحقيقة بلا قيد. والمقيَّد هو ما دلّ على الحقيقة بقيد. ومنه قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ()، فذكر اليد في الآية مطلق غير مقيَّد، وجاءت السنّة فقيّدت اليد بقطعها من الرسغ.

  17. 3- تخصيص العامّ: مثاله قول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. فذكر الأولاد في الآية عامّ في جميعهم، فجاءت السّنّة . • وخصّصت من هذا العامّ عدم توريث أولاد الأنبياء()، وعدم توريث الولد القاتل لأبيه. 4- توضيح المبهم: مثاله قول الله تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ. عبارة "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" في الآية ذُكِرت مبهمة، فجاءت السّنّة ووضّحت هذا المبهم وبيّنت الظلم هنا بمعنى الشِّرْك. • الوظيفة الثانية: السنة تستقل بأحكام ليست موجودة في القرآن: ثبتت بالسّنّة أحكامٌ سكت عنها القرآن مثل تحريم الجمع في الزواج والنكاح بين المرأة وعمّتها وبين المرأة وخالتها، وتحريم الذهب والحرير على الرجال، وتحريم كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع.

  18. رابعاً: حجّيّة السّنّة النبوية • تكمن هذه الحجّيّة في كون السنة النبوية المصدرَ الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وقد تثبت بها الأحكام التكليفية الخمسة كما تثبت بالقرآن التي هي: الحلال، والحرام والمندوب والواجب والمكروه، كذلك يجب العمل بما صحّ وصلح للاحتجاج منها، والتحاكم إليها، ولا تجوز مخالفتها، تماماً في هذه الحجّيّة كالقرآن الكريم. • يقول الدكتور محمد أبو زهو: "السنة النبوية وحي من الله إلى نبيه محمد ، وهي أصل من أصول الدين، وركن في بنائه القويم، يجب اتباعها، ويحرم مخالفتها، وعلى ذلك أجمع المسلون، وتضافرت الآيات على وجه لا يدع مجالا للشك؛ فمن أنكر ذلك فقد نابذ الأدلة القطعية، واتّبع غير سبيل المؤمنين"().

  19. وقد ثبتت حجية السنة النبوية بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع كما يلي: • أولا: من القرآن الكريم: فقدأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بطاعة النبي ، وقرن طاعته بطاعته فقال: وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(). • كما حذّر سبحانه وتعالى من التولي عنه، وجعل ذلك من سبيل الكافرين: فقال: قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ(). • وجعل اتباع السنة دليلا على محبة الله سبحانه فقال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(). وأوجب التسليم لقضاء الرسول ، والعمل بحكمه، واعتبره ركنا من أركان الإيمان، فقال سبحانه: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(). بل وجعل عاقبة عصيان النبي الخلود والعذاب المهين في النار، فقال سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ(). • كما دعا الله جلّ وعلا المؤمنين للتأسي والاقتداء بالنبي ، وجعل ذلك علامة لمن يرجو الله واليوم الآخر، فقال سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا(). • () الأحزاب:21.

  20. ثانيا: من السنة النبوية: جاءت الأحاديث النبوية تدلّ على حجية السّنّة النبوية ووجوب اتباعها، ومن ذلك: قوله : "...عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عَضّوا عليها بالنواجذ" (). وقوله "تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي"()، وغير ذلك من الأحاديث. • ثالثا: من الإجماع: أجمع الصحابة والعلماء في جميع العصور على الاحتجاج بالسّنّة والعمل بها. قال الإمام الشوكاني: "إن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ولا يخالف ذلك إلا من لاحظ له دين الإسلام" (). • () حديث صحيح. رواه أبو داود (ح3991) والترمذي (ح2600). • () حديث حسن لغيره. رواه مالك في الموطأ ح1395، والترمذي في السنن (ح3718). • () إرشاد الفحول 32.

  21. خامساً: مراحل تدوين السنة النبوية • المرحلة الأولى: تدوين الحديث في عهد النبي  • من المعلوم أنه لم يتم تدوين كل من السنة والحديث تدويناً رسميّاً في عهد النبي كما كان الشأن بالنسبة للقرآن الكريم؛ وذلك للنهي الثابت عن النبي من كتابة الحديث أو أي شيء غير القرآن خوف اختلاطه به، وإنما كان الحديث محفوظاً في صدور الصحابةّ الكرام يسمعونه من النبي ويروونه عنه فيما بينهم إلى من بعدهم من التابعين مشافهة، ولكن لم يخل عصره من كتابة بعض الأحاديث وتدوينها بصورة فردية غير منتظمة، وبإذن خاص من الرسول مثل عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الذي قال له النبي : "أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج من فمي إلا الحق"().() سنن الدارمي، المقدمة، باب من رخص في كتابة العلم 1/125 وهو حديث صحيح.

  22. أحاديث النهي عن كتابة الحديث والإذن بالكتابة: • وردت أحاديث نهى فيها النبي عن كتابة الحديث، كما وردت أحاديث أخرى أذن فيها بكتابة الأحاديث، وفيما يلي بيان ذلك: • أولاً: أحاديث النهي عن كتابة الحديث النبوي: نهى النبي عن أن يُكْتَب عنه شيء غير القرآن الكريم، بل أمر من كتب عنه شيئاً غير القرآن أن يمحوه، ومن أشهر هذه الأحاديث الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخُدْرِي أن رسول الله قال: "لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه" (). • () أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الزهد 8/229.

  23. ثانياً: أحاديث الإذن بكتابة الحديث النبوي: وردت أحاديث عديدة أذن فيها النبي لبعض الصحابة بكتابة الأحاديث الشريفة، منها: 1- عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله - أريد حفظه - فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كلّ شيء! ورسول الله بشر يتكلّم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة، فذكر ذلك لرسول الله ، فأومأ بيده إلى فيه، فقال: "اكتب! فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلاً حقّ"().

  24. 2- شكا رجل من الصحابة إلى النبي قلّة حفظه، فأشار عليه الرسول بالكتابة كما في حديث أبي هريرة قال: كان رجل يشهد حديث النبي فلا يحفظه فيسألني، فأحدّثه، فشكا قلّة حفظه إلى رسول الله فقال له النبي : "استعن على حفظك بيمينك" (). 3- كما أذن الرسول للصحابة أن يكتبوا حديثه كما أخرج الخطيب البغدادي بسنده عن رافع ابن خَدِيجقال: قلنا: يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أَفَنكتبها؟ قال: "اكتبوا! ولا حرج"(). 4- بل لقد أمر النبي بتقييد العلم وكتابته كما في حديث كلّ من أنس بن مالك وعبدالله بن عمرو قالا: قال رسول الله : "قيّدوا العلم بالكتاب".()

  25. ثالثاً: التوفيق بين أحاديث النهي عن الكتابة وأحاديث الإذن بها: • لقد اجتهد العلماء في التوفيق بين هذه الأحاديث على أقوال عدّة منها ما يلي: 1- عن طريق النسخ: ذكر بعض المحدّثينأنّ أحاديث النهي عن الكتابة منسوخة لأنّها متقدّمة، أمّا أحاديث الإذن بالكتابة ناسخة لأنها متأخرة؛ فالنهي عن الكتابة إنما كان ّفي أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن الكريم، فلما ازداد عدد المسلمين، وعرفوا القرآن الكريم، وأصبحوا يميّزونه من الحديث الشريف، وأُمِن التباسُه واختلاطُه بالحديث حينئذ أذن النبي لصحابته بكتابة الحديث.

  26. عن طريق الجمع بين أحاديث النهي عن الكتابة وأحاديث الإذن بها: ورد عن علماء الحديث أقوال عديدة في هذا الجمع والتوفيق بين هذه الأحاديث بالنهي عن الكتابة والإذن بها، ومن أشهر هذه الأقوال القولان التاليان: • ذكر بعض العلماء أنّ النهي عن الكتابة خاصّ بكتابة الحديث الشريف مع القرآن الكريم في صحيفة واحدة؛ لأنهم كانوا يسمعون تفسير القرآن فربما كتبوه معه، فنُهُوا عن ذلك خوف الاشتباه بينهما، أمّا الإذن فهو في حالة كتابة كلّ من الحديث الشريف والقرآن الكريم في صحيفة مستقلة – ذُكِر هذا القول عن الصنعاني في التوضيح(). • وقال آخرون: إنّ النهي عن الكتابة في حقّ من وُثِق بحفظه، وخيف اتّكالُه على الكتابة، أمّا الإذن بالكتابة فهو في حقّ من لا يُوْثَق بحفظه(). • الراجح هو الجمع بين هذين القولين في قول واحد.

  27. ومما ورد كتابته من الحديث في عهد النبي  ما يلي: 1- الصحيفة الصادقة التي كتبها عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وكان يعتزّ بها، ويقول: ما يرغبني في الحياة إلا الصادقة والوهط". 2- صحيفة علي بن أبي طالب: وهي صحيفة صغيرة تشمل على العقل (أي مقادير الديات)، وفكاك الأسير. 3- كتبه إلى أمرائه وعماله فيما يتعلق بتدبير شؤون الأقاليم الإسلامية وأحوالها، وفي بيان أحكام الدين ومن هذه الكتب كتابه الزكاة والديات لأبي بكر الصديق. وكتابه لعمرو بن حزم عامله على اليمن. وكتبه إلى الملوك والعظماء وإلى أمراء العرب، يدعوهم فيها إلى الإسلام، مثل كتابه إلى هرقل ملك الروم، وإلى المقوقس عظيم مصر وغيرهما. وعقوده ومعاهداته التي أبرمها مع الكفار، كصلح الحديبية، وصلح تبوك، ودستور المدينة.

  28. المرحلة الثانية: تدوين الحديث في عصر الصحابة : • أما بالنسبة للصحابة فقد ثبت أن بعضهم كتب بعض الأحاديث بصورة فردية مثل: 1- كتاب أبي بكر الصدّيق  لعامله على البحرين أنس بن مالك ، وفيه فرائض الصدقة. 2- كتاب أبي أيوب الأنصاري صحيفة فيها مائة واثنا عشر حديثاً(). 3- كان أنس بن مالك يملي الحديث على تلاميذه حتى إذا كثر عليه الناس، جاء بمجالٍّ من كتب فألقاها، ثم قال: "هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن رسول الله ، وعرضتها عليه". 4- كتب معاوية بن أبي سفيان إلى المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: أن النبي كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"(). • وقد فكر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في تدوين السّنّة والأحاديث تدويناً رسمياً، ولكنّه عدل عن هذا الأمر خوفاً من انشغال المسلمين بالحديث عن القرآن الكريم.

  29. المرحلة الثالثة: تدوين السّنّة في عهد التابعين وتابعيهم • أولاً: تلقي التابعون علمهم على أيدي الصحابة، وقاموا بكتابة السّنّة وتدوينها بجهود فردية، وأوصوا تلاميذهم بتدوين هذه السنة وكتابتها، وكان ممن كتب ودوّن من التابعين وتابعيهم: 1- سعيد بن جبير رحمه الله الذي قال: كنت أسير بين ابن عمر وابن عباس فكنت أسمع الحديث منهما فأكتبه على واسطة الرحل حتى أنزل فأكتبه(). 2- وعامر بن شَرَاحيل الشعبي الذي كتب وكان يحضّ تلاميذه على الكتابة، وقال لهم: إذا سمعتم مني شيئاً فاكتبوه ولو في حائط (). 3- نافع مولى عبدالله بن عمر الذي كان يملي العلم على طلابه، وهم يكتبون بين يديه(). • ولقد شاع بين التابعين كتابة الحديث بشكل فردي، ولم يتخذ تدوين الحديث بينهم طابعاً عامّاً ورسمياً إلاّ في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، الذيحرص على جمع الحديث وتدوينه مخافة اندثاره وضياع السنة النبوية، والذي كتب إلى أهل المدينة قائلاً: انظروا حديث رسول الله فإنّي خِفْت دروس العلم وذهاب أهله().

  30. كما كتب إلى عامله بالمدينة المنورة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قائلاً: أنظر ما كان من حديث رسول الله أو سُنّة ماضية، أو حديث عَمْرة – هي بنت عبدالرحمن مولاة عائشة رضي الله عنها- فاكتبه، فإنّي خِفْت دروس العلم وذهاب أهله(). • وكذلك أمر محمد بن شهاب الزهري عالم المدينة المنورة بخلافة أبي بكر بن حزم في جمع السنن والأحاديث. • ولم يكتف الخليفة عمر بن عبدالعزيز بذلك، بل أرسل الكتب إلى الآفاق يحثّ المسئولين فيها على تشجيع العلم، ودراسة السنة ومذاكرتها وإحيائها، كما كان يجمع الفقهاء والعلماء، ويناقشهم في السنن والأحاديث والعلم.

  31. ولقد كان من أسباب هذا التدوين الرسمي للسُّنّة ودواعيه ما يلي: 1- القيام بصيانة الحديث الشريف من أن يختلط صحيحه بالموضوع والمكذوب على رسول الله . 2- الخوف على الحديث الشريف من الضياع بموت علمائه ورواته().

  32. ثانياً: ثم شاع التدوين في الجيل الذي يلي جيل الزهري وعمر بن عبدالعزيز وهم أتباع التابعين، فجمع الحديث في مكة المكرمة ابن جُرَيج، وفي المدينة سعيد بن أبي عروبة، وفي البصرة حماد بن سلمة، وفي الكوفة سفيان الثوري، وفي الشام الأوزاعي، وفي اليمن مَعْمَر بن راشد، وكذلك فعل سفيان بن عيينة والليث ابن سعد وشُعْبَة بن الحَجّاج وعبدالله بن المبارك وهُشَيْم بن بَشِير وجرير بن عبدالحميد وغيرهم، وهؤلاء كانوا في عصر واحد وكانوا يجمعون الحديث النبوي ويجمعون معه أقوال الصحابة وفتاواهم، مع ضم الأبواب بعضها إلى بعض في كتاب واحد.

  33. المرحلة الرابعة: تدوين السّنّة في القرن الثالث الهجري وما بعده 1-ثم جاء القرن الثالث الهجري الذي يُعَدّ أزهى عصور السّنّةبأئمة الحديث وتآليفهم، وقد أُطْلِق على هذا القرن العصر الذهبي للسّنّة وتدوينها. • وقد ابتدأ التأليف في هذا العصر على طريقة المسانيد، وهي: جمع مرويات كلّ صحابي في مكان واحد دون التقيد بوحدة موضوع هذه المرويات، وكان ممن صنّف على هذه الطريقة عبدالله بن موسى العَبْسِي، ومُسدَّد بن مُسَرْهِدالعَبْسي، وأحمد بن حنبل، وعبد بن حُمَيد، ولقد كانت طريقة هؤلاء المصنّفين إفراد حديث النبي بالتأليف والتصنيف دون أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ولكنّهم كانوا يمزجون الحديث الصحيح بغيره، وفي ذلك عناء على طالب الحديث في تعيين هذا الحديث الصحيح من غيره.

  34. 2- ثم جاء إمام المحدّثين وأميرهم في الحديث في زمانه الإمام البخاري محمد ابن إسماعيل المتوفَّى سنة (256ﻫ) الذي أفرد الحديث الصحيح بالتأليف في كتابه الصحيح، وتبعه في ذلك تلميذه الإمام مسلم بن الحجّاج النيسابوري المتوفَّى سنة (261ﻫ) الذي ألّف صحيحه المشهور مقتدياً في ذلك بشيخه البخاري، وتبع هذين الإمامين (البخاري ومسلم) بعد ذلك كثير من أئمة الحديث الذين ألّفوا وصنّفوا كتباً ومصنّفات كثيرة منها: سنن أبي داود وسنن النسائي وجامع (أو سنن) الترمذي وسنن ابن ماجه وسنن الدارمي؛ وكان هذا التأليف والتصنيف على طريقة الأبواب.

  35. 3- ثم جاء القرن الرابع الهجري فقام علماؤه بالسير على منوال علماء القرن الثالث الهجري في التأليف والتصنيف على طريقة المسانيد وطريقة الأبواب، كما زاد علماء هذا القرن الرابع الهجري طرائق يسيرة مما استدركوه على طريقتي المسانيد والأبواب، كما قام هؤلاء العلماء بجمع ما جمعه من سبقهم واعتمدوا على نقدهم، وأكثروا من جمع طرق الحديث. ومن أشهر الأئمة في هذا العصر الإمام ابن خُزَيْمة ت(311ﻫ) الذي ألّف كتابه الصحيح، ومنهم الإمام الطّحَاوي ت(321ﻫ)، ومنهم الإمام ابن حِبّان البُسْتِي (354ﻫ)، ومنهم الحافظ الدار قطني ت(358ﻫ) الذي ألّف سننه المشهورة، ومنهم الإمام الطبراني ت(360ﻫ) الذي ألّف معاجمه الثلاثة: الكبير والأوسط الصغير. وبهذا التأليف والتصنيف في القرن الرابع الهجري يكون قد اكتمل تدوين أغلب الأحاديث والسّنّة وجمعها في هذه المصنّفات، وتمييز صحيح هذه الأحاديث والسّنّة من غير الصحيح.

  36. ولم يكن لعلماء القرون التالية بعد القرن الرابع الهجري إلاّ بعض الاستدراكات مثل المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبدالله النيسابوري ت(405ﻫ)، ثم وجدت الكتب الجامعة للصحيحين والموطأ وسنن أبي داود والترمذي والنسائي مثل جامع الأصول من أحاديث الرسول لابن الأثير المبارك بن محمد الجَزَري ت(606ﻫ) وكتاب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للمحدّث على بن حسام المتقي الهندي ت(975ﻫ) – الذي هو أجمع كتب هذا الفن، وكتاب الجامع الصغير لأحاديث البشير النذير للحافظ السيوطي ت(911ﻫ) وغير ذلك من المصنّفات والمؤلّفات.

  37. سادساً: أشهر كتب الحديث والسنة • من أشهر هذه الكتب في الحديث والسّنّة ما عُرِف بالكتب الستة وهي: • 1- الجامع الصحيح للإمام البخاري: • أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى، وأول كتاب صنف في الصحيح المجرد، وسبب تأليفه قول اسحق بن راهوية: (لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي ، قال البخاري: (فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع الجامع الصحيح)، ابتدأ تأليفه بالحرم الشريف، ولبث في تصنيفه ست عشرة سنة، وأتمه ببخارى، وما كان يضع فيه حديثاً إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين ويستخير الله في وضعه، روى الفربري عن البخاري قال: (ما أدخلت في الصحيح حديثاً إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته). • لقد اقتصر في جامعه على الصحيح، ولكنه لم يستوعب كل الصحيح من الحديث فقد ترك من الحديث الصحيح أكثر مما أثبته لئلا يطول الكتاب().

  38. عدد أحاديثه: • وجميع ما في صحيح البخاري من الأحاديث الموصولة بلا تكرير: (2602) حديثاً. • ومن المتون المعلقة المرفوعة التي لم يوصلها في موضع آخر من الجامع (195) حديثاً وإن جملة ما في الكتاب من التعاليق (1341) حديثاً. • وإن جملة ما في الصحيح من المتابعات: (344) حديثاً. • فعلى هذا: فجميع ما في الصحيح بالمكرر (9082) حديثاً. • وهذا الرقم لا يشتمل على ما في الكتاب من الموقوفات على الصحابة، والمقطوعات عن التابعين فمن بعدهم.

  39. مزاياه وخصائصه: 1- سهولة العثور على الحديث فيه ومعرفة درجته لكونه مرتباً على طريقة الكتب والأبواب الفقهية أي الموضوعات، واختص بجمع الصحيح وليس فيه من ضعيف ولا حسن. 2- إن أحاديثه متصلة الإسناد وما وقع فيه غير موصول فهو عرض قليل. 3- هذا الكتاب مختصر للصحيح من الحديث، ولم يستوعب كل الصحيح قال البخاري (أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ولم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر وخرجته من ستمائة ألف حديث، وصنفته قي ست عشرة سنة وجعلته حجة فبما بيني وبين الله سبحانه). 4- هدفه من الكتاب:استنباط أحكام الفقه، وإيراد السيرة النبوية، وتفسير القرآن.

  40. 5- في الكتاب تكرار للأحاديث، وتقطيع لها، وذلك: لأن الحديث الواحد قد يتضمن أحكاماً عديدة،فيورده في مواطن متعددة من الكتاب. وتحت عناوين مختلفة،تناسب الحكم المستنبط. • إنه كتاب حديث وفقه واستنباط، لا يقتصر على سرد الحديث،بل يتعداه إلى فقهه وشرحه ودراسته، وأحياناً يربط الترجمة - العنوان - بالحديث والآية فيغدوا باحثاُ ومقرراً. • 6- لقد حظي كتاب البخاري بألوان من التحقيق والخدمة، شرحاً وتعريفا ًبرجاله وفهرسة، ما لم يحظ بها كتاب آخر من كتب الحديث ومن أمثلة هذه الشروح: 7- فتح الباري في شرح صحيح البخاري:لابن حجر العسقلاني، وعمدة القاري في شرح صحيح البخاري: للإمام العيني، وإرشاد الساري في شرح صحيح البخاري: للقسطلاني().

  41. 2- الجامع الصحيح للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري: • صحيح مسلم هو ثاني الكتب الستة بعد صحيح البخاري، اختاره الإمام مسلم من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة(). • مزاياه: 1- هو أحد الصحيحين المشهود لهما بعلو الرتبة، ومرتب على ترتيب البخاري. 2- عدد أحاديثه أكثر من عدد أحاديث البخاري، فبلغت أحاديثه اثنا عشر ألف حديث، وعدد أحاديثه بغير المكرر أربعة آلاف(). 3- أحاديثه صحاح وليس فيها ضعيف، أو حسن.

  42. 4- جمع طرق كل حديث في موضع واحد،ليتضح اختلاف المتون، وتشعب الأسانيد، يرتب الأسانيد بحسب قوتها، يقدم الأصح منها، ويتبعها بأدنى منه رتبة. 5-امتاز كتابه بدقة الترتيب، ولم يضع لكتابه تراجم – عناوين – كما صنع البخاري، أما التراجم الموجودة في شرح مسلم فهي من وضع الإمام النووي(). 6- في الكتاب مقدمة مهمة في علم أصول الحديث، وبيان سبب التأليف. • 7- قتصر كتابه على الحديث المرفوع ولم يتضمن الموقوف إلا نادراً، فقد يذكرها تبعاً لا قصداً. 8- ليس في صحيح مسلم حديث معلق، قد حذف أول سنده، إلا في موضع واحد في التيمم، وقد ذكر السيوطي مواضع أخرى لأحاديثه معلقة، إلا أنه قال عنها: إن مسلماً أوردها معلقة بعد أن أوردها متصلة، ولذا فلا تعتبر معلقة ومجموعها ستة عشر موضعاً().

  43. 3- سنن أبي داود: • مزاياه: 1- عدد أحاديثه (4800) حديثاً، اختارها من (500 ألف) حديث، قال رحمه الله: كتبت عن رسول الله  خمسمائة ألف حديث، انتخبت ما ضمنته، وجمعت في كتابي هذا أربعة آلاف وثمانمائة حديث من الصحيح وما يشبهه، وما يقاربه).

  44. 2 -الكتاب يهتم بالمتون، ويذكر طرق الحديث اختلاف ألفاظها. 3 - يهتم الكتاب بفقه الحديث، أكثر من اهتمامه الأسانيد. 4- يذكر في الباب أحاديث قليلة، ولا يعيد الحديث في الباب إلا لزيادة فيه. 5- يختصر الحديث الطويل، ليدل على موضع الاستشهاد. 6- يشير إلى الحديث الذي فيه وهن شديد، ويبينه، قال في رسالته إلى أهل مكة: (وما في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته). 7- ليس فيه من الآثار، وقد يفاضل بين حديثين فيقوي أحدهما على الآخر. 8- اشتمل على كثير من المراسيل.

  45. 4- سنن الترمذي: • رتب كتابه على الأبواب مقتدياً بالبخاري، ومسلم، وأبي داود، فجمع بين طرقهم، وأضاف عليها بيان مذاهب الصحابة، والتابعين، وفقهاء الأمصار، فجاء كتابه جامعاً. • اختصر طرق الحديث اختصاراً لطيفاً،و كان حسن الترتيب قليل التكرار. • حكم على الأحاديث وميزها ما بين صحيح أو حسن أو ضعيف مع بيان سبب الضعف وبين المستفيض والغريب والمعل، سكت عن بعض الأحاديث. • ليس في سنن الترمذي حديث موضوع ولا يعتد برأي ابن الجوزي الذي أشار إلى وجود ثلاثة وعشرين حديثاً من الموضوعات • كتابه أيسر تناولاً لطالب العلم من الصحيحين.

  46. 5- سنن النسائي (المجتبى): • مزاياه: • أقل الكتب الستة بعد الصحيحين حديثاً ضعيفاً، ولذلك ذكروه بعد الصحيحين في المرتبة، لأنه أشد انتقاداً للرجال، وشرطه أشد من شرط أبي داود والترمذي وغيرهما. • اهتم بفقه الحديث وفن الإسناد، فرتب الأحاديث على الأبواب ووضع لها عناوين وجمع أسانيد الحديث الواحد في مكان واحد. • اهتم بعلم الحديث رواية ودراية، وعلل الحديث، لا يكاد يخرج لمن يغلب عليه الوهم ولا لمن كان فاحش الخطأ().

  47. 6- سنن ابن ماجه: • اشتمل الكتاب على (4000) أربعة آلاف حديث. • فيه زوائد كثيرة عما ورد في الكتب الخمسة، وقد اختلف العلماء في الحكم عليها، فيرى المزي أن كل ما انفرد به ابن ماجه عن الخمسة ضعيف، ولكن الحافظ ابن حجر يقول: إنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة(). • () الفصل المبين للقاسمي ص113، ومعالم السنة ص220.

  48. كما اشتهر من كتب الحديث والسنة ما يلي: • المسند: للإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشَّيْبَاني، ولد ببغداد سنة 164 ﻫ، وتوفي فيها سنة 241ﻫ. • الموطّا: لإمام دار الهجرة – المدينة المنورة- مالك بن أنس الأصبحي، ولد بالمدينة المنورة سنة 93ﻫ، وتوفي فيها سنة 179ﻫ. • سنن الدارمي: للإمام أبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، ولد في سمرقند سنة 181ﻫ، وتوفي فيها سنة 255ﻫ. • وهذه الكتب الثلاثة تتمّم مع الكتب الستة سالفة الذكر الكتب التسعة.

  49. سابعاً: التثبت في رواية الحديث الشريف 1- كان من هدي النبي التثبّت والتبيّن في الحكم والقضاء بين الناس مسترشدا بقول الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ…()، وكذلك كان التثبّت والتحقّق من هديه فيما يتعلق بنقل الأخبار وروايتها، وأوصى صحابته الكرام بذلك، فقال : "نضّر الله امرأ، سمع منا شيئا فبلّغه كما سمع، فرُبّ مبلِّغ أوعى من سامع"()، وقال : "كفى بالمرء إثماً أن يحدّث بكلّ ما سمع"().

  50. 2- وقد حفظ الصحابة الكرام عن نبيهم ذلك التثبّت والتبيّن، فاعتنوا بالحديث الشريف حفظا وعملا، وكانوا يتحقّقون ويحتاطون ممّا يسمعونه، ويصل إليهم، متثبتين من الراوي والمروي؛ وذلك مخافة الوقوع في الخطأ، وخوفا من تسرّب الكذب على النبي أو التحريف للسنة النبوية، فاتّبعوا كلّ سبيل يبقي على الحديث نوره، فآثروا الاعتدال في الرواية عن رسول الله بل فضّل بعضهم الإقلال من الرواية، حتى إنّ منهم من كان لا يروي في السنة حديثاً واحداً، أو تأخذه الرعدة والرجفة عند رواية الحديث مخافة الوقوع في الخطأ أو الزلل، روى ابن ماجه عن عمرو بن ميمون قال: ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته فيه، قال: فما سمعته يقول لشيء قط: قال رسول الله فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله ، قال: فنكس، قال: فنظرت إليه، فهو قائم محلّلة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، قال: أو دون ذلك، أو فوق ذلك، أو قريبا من ذلك، أو شبيها بذلك().(

More Related