1 / 25

اسم الله (الوكيل) سبحانه جل جلاله

اسم الله (الوكيل) سبحانه جل جلاله. أ. أمل الغفيلي. أولاً: المعنى اللغوي:. قال ابن سيده: وكل بالله، وتوكل عليه اتكل: استسلم. ويقال: وكلت أمري إلى فلان، أي ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه، ووكل الأمر إليه: أي سلمه. قال الجوهري: التوكل إظهار العجز والاعتماد على غيرك.

manon
Télécharger la présentation

اسم الله (الوكيل) سبحانه جل جلاله

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. اسم الله (الوكيل) سبحانه جل جلاله أ. أمل الغفيلي

  2. أولاً: المعنى اللغوي: قال ابن سيده: وكل بالله، وتوكل عليه اتكل: استسلم. ويقال: وكلت أمري إلى فلان، أي ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه، ووكل الأمر إليه: أي سلمه. قال الجوهري: التوكل إظهار العجز والاعتماد على غيرك. ثانياً: التوكل اصطلاحاً: يقول ابن رجب: صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة، وكلة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه. .قال الجرجاني:التوكل هو الثقة بما عند الله، واليأس عما في أيد الناس، والمتوكل على الله الذي علم أن الله كافل رزقه وأمره، فيركن إليه وحده، ولا يتوكل على غيره. قال الإمام أحمد:التوكل عمل القلب، إذ ليس بعمل اللسان ولا بعمل الجوارح. وقيل:التوكل قطع علائق القلب بغير الله. وقيل:هو التبرئ من حولك وقوتك وحول وقوة مثلك. قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: التوكل هو إسناد العبد أمره إلى الله وحده لا شريك له في جميع أموره الدينية والدنيوية.

  3. ثالثاً: معنى اسم الله الوكيل جل جلاله: قال ابن الأثير في أسماء الله تعالى: الوكيل وهو القيم الكفيل بأرزاق العباد، وقد ذكر المفسرون أقوالاً في معنى اسم الله الوكيل منها: قال تعالى: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}(المزمل:9) كفيلاً بما وعدك. وقوله تعالى: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا}(الإسراء:2) أي رباً كافياً. وقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الزمر:62) أي والله على كل ما خلق من شيء رقيب حفيظ، يقوم بأرزاق جميع خلقه. وقوله تعالى: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران:173) أي نعم الكفيل بأمورنا القائم بها. يلخص من ذلك أن معنى اسم الله الوكيل يأتي على معان منها: 1. الكفيل 2. الكافي 3. الحفيظ.

  4. رابعاً: من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم "المتوكل": ففي البخاري: عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- أنه قال: إن هذه الآية التي في القرآن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (الأحزاب:45). قال في التوراة:[يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سِخَّابٍ بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح بها أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً](صحيح البخاري).

  5. خامساً: ورود اسم الله الوكيل في القرآن الكريم: ورد اسم الله الوكيل أربعة عشر مرة في القرآن،منها: - قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران: 173). - قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}(النساء: 81). - قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الأنعام: 102). - قوله تعالى: {فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}(يوسف: 66). - قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}(المزمل: 9).

  6. سادساً: أمر الله عز وجل بالتوكل عليه: • يقول تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران: 159). • ويقول تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}(النساء: 81). • وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(التوبة: 51). • وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(هود:123). • وقوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} (الفرقان:58). • وقوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿217﴾ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴿218﴾}(الشعراء).

  7. سابعاً: الله نعم الوكيل: • قوله تعالى:{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران:173). • وقوله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}(النساء:81). • وقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(الطلاق:3). ثامناً: التوكل من صفة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: • قوله تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿121﴾إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿122﴾}(آل عمران). • وقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(الأنفال:2).

  8. أمر الله بالتوكل في كل الشرائع بل هو من صفات الرسل: - قوله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(المائدة:23). - وقوله تعالى:{قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿53﴾ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴿54﴾ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ ﴿55﴾ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿56﴾}(هود). - قوله تعالى:{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴿66﴾ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿67﴾}(يوسف).

  9. الأحاديث الواردة في التوكل: 1. دعاء الخروج من المنزل كما في حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: [إذا خرج الرجلُ من بيتِهِ فقال : بِسْمِ اللهِ، توكلتُ على اللهِ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .قال : يُقالُ حِينَئِذٍ : هُدِيتَ وكُفِيتَ ووُقِيتَ، فتَتَنَحَّى له الشياطينُ، فيقولُ شيطانٌ آخَرُ : كيف لك برجلٍ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ ؟](صحيح أبي داود). 2. عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال:[{حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}](آل عمران:173)، (صحيح البخاري). 3. حديث أبي موسى: [أنه كان معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حائِطٍ من حيطانِ المدينةِ، وفي يدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُودٌ يَضرِبُ بهِ بين الماءِ والطِّينِ، فجاءَ رجلٌ يَستَفتِحُ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : [افتَح له وبَشِّرهُ بالجنَّة]، فذهبتُ فإذا أبو بكرٍ، ففَتَحتُ له وبَشَّرْتُه بالجنَّةِ، ثم استَفتَحَ رجلٌ آخَرُ فقال: [افْتَحْ له وبَشِّرهُ بالجنَّة]، فإذا عُمرُ، ففَتَحتُ له وبَشَّرْتُه بالجنَّةِ، ثم استَفتَحَ رجلٌ آخَرُ، وكان مُتَّكِئًا فجلسَ، فقال : [افتَح له وبَشِّرْهُ بالجنَّةِ، علَى بَلْوَى تُصيبُهُ، أو تَكُونُ]، فذهبتُ فإذا عُثْمانُ، فقُمْتُ ففَتَحتُ له وبَشَّرْتُهُ بالجنَّةِ،فأخبَرْتُهُ بالذي قال : قال: اللهُ المُسْتَعانُ](صحيح البخاري).

  10. الأحاديث الواردة في التوكل: 4. وقال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لو أنَّكم توَكَّلتم على اللهِ حقَّ توَكُّلِهِ ، لرزقَكم كما يرزقُ الطَّيرَ ، تغدو خماصًا ، وتروحُ بطانًا](صحيح ابن ماجه)، وفي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يَدخُلُ الجنَّةَ أقوامٌ أفئدتُهُم مثلُ أفئدَةِ الطَّيرِ حديث السبعين ألفاً](صحيح مسلم). 5. دعاء النوم كما رواه البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم: [إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت] (صحيح البخاري). وعليه فالله سبحانه هو الوكيل القائم بأمور عباده وتحصيل ما يحتاجون إليه، ومن توكل عليه كفاه، ومن استغنى به أغناه عما سواه، ومن عرف أن الله هو الوكيل الحق اكتفى بالإلتجاء إليه، و لم يتوكل إلا عليه، وفي الحديث مارواه أنس بن مالك رضي الله عنه [ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله ، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين](حسنه الألباني).

  11. التوكل نصف الدين: إذ الدين كله قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة:5)، فالدين عبادة، واستعانة، والتوكل هو الاستعانة، والعبادة هي الإنابة. إن الله خلق الخلق وجعل لهم غاية من هذا الخلق وهي العبادة، وجعل من أعظم الوسائل الموصلة لهذه الغاية التوكل والاستعانة به، فهذه أشرف الوسائل لأشرف الغايات. آفة العبد: يقول ابن القيم: قال الرسل {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا}(إبراهيم:12)، فالعبد آفتهإما من عدم الهداية، أو عدم التوكل، وإذا جمع التوكل إلى الهداية فقد جمع الإيمان كله.

  12. أطيب العيش في التوكل: قال ابن القيم: من ترك الاختيار والتدبير في رجاء زيادة، أو خوف نقصان، أو طلب صحة أو فرار من سقم، وعلم أن الله على كل شيء قدير وأنه متفرد بالاختيار والتدبير، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه، وأنه علم بمصلحته من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه، وأنصح للعبد منه لنفسه وأرحم به منه بنفسه، وأبر به منه بنفسه، وعلم من ذلك أنه لا يستطيع أن يتقدم بين يدي تدبيره خطوة واحدة، فلا متقدم بين يدي قضائه وقدره ولا متأخر، فألقى بنفسه بين يديه وسلم الأمر كله إليه وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر، له التصرف بعبده بكل ما يشاء، استراح حينئذ من الهموم والغموم والانكسار والحسرات وتحمل الله عنه كل حوائجه ومصالحه، فتولاها دونه وأراه لطفه وبره ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب من العبد ولا نصب ولا اهتمام منه لأنه قد صرف اهتمامه كله إليه وجعله وحده همه، فصرف عنه اهتمامه بحوائجه ومصالح دنياه، وفرغ قلبه منها، فما أطيب عيشه وما أنعم قلبه وأعظم سروره وفرحه. وإن أبى إلا تدبيره لنفسه واختياره لها واهتمامه بحظه دون حق ربه خلاه وما اختاره وولاه ما تولى، فحضره الهم والغم والحزن والنكد والخوف والتعب وكسف البال وسوء الحال، فلا قلب يصفو ولا يزكو ولا أمل يحصل ولا راحة يفوز بها ولا لذة يتهنئبها، بل قد حيل بينه وبين مسرته وفرحة وقرة عينه، فهو سيكدح في الدنيا كدح الوحش، ولا يظفر منها بأمل (الفوائد).

  13. - وأحسن الأحوال حال محمد عليه السلام فإنه عليه السلام أخذ بالأسباب ولم يعتمد عليها بل اعتمد على مسببها وهو الله سبحانه، فلقد اتخذ لنفسه دليلاً في الهجرة وتزود في الحج، ولبس الدرع في القتال. - أما أن نلغي الأسباب فهذا هو القدح في التوكل، فلقد لقي عمر بن الخطاب أناساً من أهل اليمن، فقال: منم أنتم؟ فقالوا: المتوكلون، فقال: بل أنتم المتواكلون!! إن المتوكل يلقي حبه في الأرض ثم يتوكل على الله. - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، ويقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله تعالى :{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}(البقرة:197) (صحيح البخاري). - اعتماد القلب على الله وسكونه وطمأنينته إليه: بحيث لا يبقى في قلبه اضطراب، بل يسكن قلبه كله لله، وعلامة ذلك أنه لا يبالي بإقبالها وإدبارها، ولا يضطرب قلبه ويخفق عند إدبار ما يحب منها، وإقبال ما تثيره، لأن اعتماده على الله وسكونه إليه واستناده إليه، فقد حصنه من خوفها ورجائها فحاله كحال: الطفل الرضيع في اعتماده وسكونه وطمأنينته بثدي أمه، لا يعرف غيره، وليس في قلبه التفات إلى غيره، كما قال بعض العلماء: المتوكل كالطفل لا يعرف شيئاً يؤوي إليه إلا ثدي أمه، كذلك المتوكل لا يأوي إلا إلى ربه سبحانه.

  14. مثله مثل: من أعطاه ملك درهماً فسرق منه، فقال له الملك: عندي أضعافه لا تهتم متى جئت إلي أعطيتك من خزائني أضعافه، فإذا علم صحة قول الملك ووثق به، واطمأن به، وعلم أن خزائنه مليئة بذلك، لم يحزنه فوته. حسن الظن بربه عز وجل: فعلى قدر حسن ظنك بربك، ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله، والحقيقة كما يقول ابن القيم: "إن حسن الظن يدعوه إلى التوكل عليه". - الرضا: وهي ثمرة التوكل، فإذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله، وهذا معنى قول النبي عليه السلام: [اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك....] فهذا توكل وتفويض ثم قال: [فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ...] فهذا تبرؤ إلى الله من العلم والحول والقوة، وتوسل إليه بصفاته، ثم سأل ربه أن يقضي له ذلك إن كان فيه مصلحته عاجلاً وأن يصرفه إن كان فيه مضرته.. فهذه هي حاجته التي سألها فلم يبق إلا الرضا بما يقضيه، فقال: [واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به](صحيح البخاري).

  15. ثمرات التوكل: 1. أنه من كمال الإيمان وحسن الإسلام قال تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(إبراهيم:11). 2.يجلب محبة الله ومعونته، ونصره وتأييده قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:159)، وقوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(آل عمران:160). 3. الحفظ والمنعة من الشيطان الرجيم قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿98﴾ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿99﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِمُشْرِكُونَ ﴿100﴾}(النحل). 4. ترك المزاحمة مع الناس، لأن المتوكل لا يخاف فوت شيء قدر له. 5. إن الله جعل لنفسه جزاء المتوكل قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(الطلاق: 3). 6. قطع الطمع بما في أيدي الناس متوكلاً على ما عند الله قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}(الزمر:38).

  16. ثمرات التوكل: 7. راحة البال واستقرار الحال. 8. تحقيق طاعة الله ورسوله قال تعالى:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿12﴾ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿13﴾}(التغابن:12،13). 9. يهنأ صاحبه بالفوز بصحبة النبيين في جنات النعيم قال تعالى:{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(الشورى:36). 10. من أسباب سعة الرزق [لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا](صحيح الترمذي). 11. حصول القوة له، كما قال بعض السلف: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، فالقوة مضمونة للمتوكل، قال الحافظ: حدثنا عبد الله، قال الحسن: قرأ رجل قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}(الفرقان:58)، فأقبل الخواص، فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره كله... إلى أن قال: لو عامل عبدٌ الله بحسن التوكل وصدق النية بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء ومن دونهم. وقال ابن القيم:التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق.

  17. نماذج المتوكلين: 1. {حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار.(صحيح البخاري). 2. موسى عليه السلام لما كان البحر أمامه وفرعون وجنده خلفه فقال: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}(الشعراء:62)، فأمره الله بضرب العصا، فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم بل من عظم حفظه له لما توكل عليه قال له: {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى}(طه:77)، أي حتى يستطيع قومك السير على هذه الأرض، فلا تغور أقدامهم فقال الله عن هذه الأرض يبساً. 3. عظيم ثقة أم موسى بربها حين ألقت بولدها باليم {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}(القصص:7). 4. قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وهما في الغار، حيث قال له النبي عليه السلام: [ما ظنك باثنين الله ثالثهما](صحيح البخاري). 5. يوم جاءت الأحزاب قال تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب:10)، إلى أن قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}(الأحزاب:23).

  18. نماذج المتوكلين: 6. حدثنا اسماعيل قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العصاه ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بهاسيفه . قال جابر : فنمنا نومة ، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه ، فإذا عنده أعرابي جالس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [أن هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال لي: من يمنعك مني ؟ قلت: الله ، فها هو ذا جالس] . ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح البخاري).

  19. نماذج المتوكلين: 7. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل ، سأل بعضهم بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار ، فقال : ائتني بالشهداء أشهدهم ، فقال : كفى بالله شهيدا ، قال فأئتنيبالكفيل ، قال : كفى بالله كفيلا ، قال : صدقت ، فدفعها إليه إلى أجل مسمى ، فخرج في البحر فقضى حاجته ، ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله ، فلم يجد مركبا ، فأخذ خشبة فنقرها ، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ، ثم زجج موضعها ، ثم أتى بها إلى البحر فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار ، فسألني كفيلا فقلت : كفى بالله كفيلا ، فرضي بك ، وسألني شهيدا فقلت : كفى بالله شهيدا ، فرضي بك ، وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر ، وإني أستودعكها ، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ، ثم انصرف ، وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده ، فخرج الرجل الذي أسلفه ، ينظر لعل مركبا قد جاء بماله ، فإذا بالخشبة التي فيها المال ، فأخذها لأهله حطبا ، فلما نشرها وجد المال والصحيفة ، ثم قدم الذي كان أسلفه ، فأتى بالألف دينار ، فقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك ، فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه ، قال : هل كنت بعثت إلي بشيء ؟قال : أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه ، قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة ، فانصرف بالألف دينار راشدا](صحيح البخاري) . ثم بعد هذا أيليق بالعبد الضعيف أن يتوكل على عبد ضعيف مثله ويترك الحي القيوم القوي قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ}(الفرقان:58).

  20. كيف يندفع شر الحاسد: 1. بالتعوذ بالله واللجوء والتحصنبه. 2. تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله حفظه، ولم يكله إلى غيره قال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}(آل عمران:120)، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام، إني أعلمك كلمات: [احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك] (صحيح الترمذي)، فمن حفظ الله حفظه الله. 3. الصبر على عدوه، وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً، فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله، قال تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} (الحج:60)، فإن كان الله ضمن له النصر مع أنه قد استوفى حقه أولاً، فكيف بمن لم يستوف شيئاً من حقه بل بغي عليه وهو صابر، وما من ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم، وقد سبقت سنة الله أنه لو بغى جبل على جبل جعل الباغي منهما دكاً. 4. التوكل على الله قوله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(الطلاق:3)، فهو من أقوى الأسباب التي يدفع بها أذى الخلق، فلو توكل العبد على الله تعالى حق توكله السموات والأرض ومن فيهن لجعل الله له مخرجاً من ذلك. 5. فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، فيمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه و لا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية على دفع شره، وهذا باب عظيم لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة والهمة العلية.

  21. كيف يندفع شر الحاسد: 6. الإقبال على الله والإخلاص له وجعل محبته وترضّيه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها، فدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويعجزها ويذهبها بالكلية، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الله والتقرب إليه، وترضيه واستعطافه، كما يذكر المحب التام المحبة لمحبوبه المحسن إليه الذي امتلأت جوانحه من حبه فلا يستطيع قلبه انصرافاً عن ذكره ولا روحه انصرافاً عن محبته، فإذا كان كذلك فكيف يرضى أن يكون قلبه بيتاً معموراً بالفكر في حاسده والباغي عليه! قال تعالى في حكاية إبليس قال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿82﴾ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿83﴾}(ص:82،83)، {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}(الحجر:42)، {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿99﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِمُشْرِكُونَ ﴿100﴾}، {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}(يوسف:24)، فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن قال تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}(الحديد:21). 7. تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلكت عليه أعداؤه، فإن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}(الشورى:30)، وهم أصحاب لنبيه صلى الله عليه و سلم قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران:165)، فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها. ولقي بعض السلف رجل فأغلظ له القول، فقال له: قف حتى أدخل البيت ثم أخرج إليك، فدخل فسجد لله وتضرع إليه وتاب وأناب إلى ربه ثم خرج إليه، فقال له: ما صنعت؟ قال: تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به علي.

  22. كيف يندفع شر الحاسد: 8. الصدق والإحسان بما أمكنه، فإن لها تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين وشر حاسد، ولو لم يلق في هذا لا تجارب الأمم قديماً وحديثاً لكفى فما يكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق، وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملاً فيه باللطف والمعونة وكانت له العاقبة الحميدة. فالمحسن يستخدم جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه، فمن لم يلق له جند ولا عسكر وله عدو، فإنه يوشك أن يظفر به عدوه. 9. من أعظم الأسباب الإحسان إلى الباغي، فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إحساناً وله نصيحة وعليه شفقة، فاسمع قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿36﴾}(فصلت).

  23. كيف يندفع شر الحاسد: وتأمل حال النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: [اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون](صحيح البخاري). فجمع أربع مقامات من الإحسان: 1. عفوه عنهم. 2. استغفاره لهم. 3. اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون. 4. استعطافه لهم بإضافتهم إليه فقال: [اغفر لقومي].

  24. وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

  25. تنفيذ وإخراج موقع دعوتها

More Related